هنا في الأردن لم يكن الطلبة في معظم مراحل التعليم قبل أزمة كورونا يستخدمون التعلم الرقمي بكثافة أو يحققون الفائدة من الإضافات النوعية التي توفرها أدواته المتنوعة بالصورة المناسبة، فمؤخراً تعمق بشكل كبير التعليم الالكتروني مواكباً مستجدات القرن الحادي والعشرين وتطورت البرامج والتكنولوجيا بحيث تراعي جميع أبعاد العملية التعليمية ومنح عناصرها (المعلم – الطالب – أولياء الأمور) أدواراً مماثلة إلى حد كبير لأدوارهم في البيئة الواقعية، كما وسعت هذه الأدوات فرص التعلم من حيث تنوع البرامج والمساقات وسهولة الوصول إليها إضافة إلى تجويد المحتوى التعليمي والتعلم على أيدي معلمين مهرة.
تتحول التكنولوجيا الرقمية بشكل متزايد نحو التشابك مع الحياة اليومية وقد لاحظ الجميع كيف ساهمت التطبيقات الذكية والمنصات الإلكترونية في تقديم حلول سريعة وفعالة للعديد من الإشكاليات في ظل الحجر المنزلي وتوقف عمل القطاعات المختلفة في المجتمع، الشيء الذي سيحفز جهات عدة في الدولة وعلى رأسها المؤسسات التعليمية للعمل على تعزيز عملية تعديل اتجاهات وسلوكات الطلبة والمواطنين عامة نحو استخدام التعليم الالكتروني وتطبيقاته، ففي التعليم المدرسي وحتى الجامعي تعمل تقنيات وبرامج التعليم الالكترونية كرديف للتعليم الصفي بقصد الحصول على مزيد من المعرفة، والتدريب، والاستيضاح، والتغلب على الغموض أو الصعوبة التي تواجه الطلبة في استيعاب وفهم بعض الموضوعات.
مفهومان أساسيان من مفاهيم العصر الرقمي برزا بقوة في فترة كورونا والحجر المنزلي أثناء التفاعل مع تقنيات وتطبيقات هذا العصر هما مفهوم «العلم المفتوح» ومفهوم «الانخراط المدني»، فقد تبين للطلبة وحتى المواطنين الذين توفر لديهم أوقات فراغ طويلة أن بإمكانهم تطوير معارفهم والاستزادة والتسجيل في مساقات تعليمية وتدريبية في جميع مجالات العلم والمعرفة عوضاً عن فرص الحصول على شهادات معتمدة تصدرها أرقى الجامعات والمعاهد العالمية، لقد أدرك طلبة المدارس وخاصة في المناطق النائية أن بإمكانهم ودون أدنى تكلفة أن يتعلموا على أيدي مدرسين خبراء إلى جانب حصولهم على الممارسة والتدريب والتقييم.
ولأن تجربة التعلم عن بعد في ظل جائحة كورونا تجربة جديدة، ولأنها أيضا بمثابة تعليم رسمي بتوجيه من وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي وبموجب أمر دفاع، رافق التجربة بعض الصعوبات والمعيقات، من المؤكد أن المختصين في الوزارتين وكذلك الجامعات سيعملون على تقديم الحلول وتذليل هذه المصاعب وفي مقدمة ذلك مراجعة برامج تعليم وتدريب الطلبة وحتى المواطنين في كافة مواقعهم على امتلاك مهارات العصر الرقمي، حتى يتسنى للجميع فرص الحصول على التعليم بجودة ومساواة مع أقرانهم تحقيقاً لمفهوم » الانخراط المدني »، كما بات واضحاً العمل بالموازاة على تعزيز بناء منظومة قيم ومعايير مجتمعية لضمان سلوك مناسب وسليم عبر الشبكة الإلكترونية.
[email protected]
